سوق هرج مَعلَم بغدادي يصارع للبقاء ضمن دائرة الضوء الخافت
ما زال سوق “هرج” في بغداد يحفل بالعجيب من السلع الثمينة والبضاعة البخسة، من التحف القديمة إلى المواد المنزلية والكهربائية، والساعات والأحذية، والخردة والطيور والمسابح والدراجات، إلى الصور التاريخية والملابس، كل ذلك يعكس المراحل الزمنية التي مرّ بها العراق عبر التاريخ، لكن هذا السوق بدأ يفقد ملامحه في ظل الفوضى والحروب. ويعود تأسيس هذا السوق إلى العهد العثماني حيث كان يحتوي على محال بسيطة مبنية من الآجر، وقد ترك على وضعه إلى أن جاء أحد الوزراء العثمانيين فاستهواه السوق، وحاول ترميمه وزرعه بالورود والأشجار وأعيد تبليطه وتجهيزه بالماء والكهرباء، وصارت تباع فيه الأسلحة القديمة مثل السيوف والخناجر وكذلك الساعات القديمة والحلي والفضة وغيرها من الأشياء. ويقول التجار القدماء: إن رؤساء ووزراء وشخصيات زاروا سوق “هرج” منذ العهد العثماني واستمرّ ذلك إلى وقت قريب، وفي عام 1935 غنت أم كلثوم في مقهى “بدور” الكائن في السوق.
أبو فهد .. صاحب محل لبيع وتصليح الساعات القديمة يقول: لهذا السوق شهرة ومكانة سابقا، إذ كان يرتاده على مدار العام الكثير من الوفود الأجنبية والعربية، لاحتوائه على التحف والأنتيكات. ويؤكد جواد كاظم صاحب محل لبيع المسابح والهدايا: إن الكثير من الشخصيات الأجنبية كانت تزور هذا السوق، وأتذكر منها السفير الروسي في التسعينيات والسفير الإماراتي الشيخ احمد بن سعيد والسفير اليوناني نيكولاس. سوق “هرج” لم يعد على حاله اليوم بسبب الحروب والفوضى الأمنية التي عمت البلاد منذ 2003، إضافة إلى ظهور بعض الأسواق العصرية والتي تتوفر فيها المطاعم والمقاهي والسلع الأجنبية. وبدأت بعض المهن تندثر في السوق بعد أن انتشرت الأجهزة الإلكترونية، يقول توفيق النعيمي: أعمل في مهنة تصليح الراديو منذ أكثر من 50 سنة وكان عملنا جيدا جدا، أما الآن بعد انفتاح السوق على البضائع المستوردة، انحسر عملنا كثيرا رغم محاولاتنا للتواصل في المهنة من خلال تصليح الأجهزة الحديثة، ولكن الجهاز الجديد زهيد جداً مقارنة بالتصليح، مما أضرّ بعملنا كثيرا، لذا أستطيع القول: إن سوق الهرج الآن شبه متوقف عن العمل ولم تبق منه إلا الذكريات.
ويقول أحد تجار الأنتيكة والذي تجاوز السبعين من العمر: إن سوق “هرج” انشطر إلى سوقين، فمازال الأصلي القديم منهما في منطقة الميدان، ويقع الثاني الأكثر حداثة في منطقة الباب الشرقي، لكن الحروب والفوضى غيّرت كل شيء وضيعت من أهل بغداد قديمهم وجديدهم.
مواضيع ساخنة اخرى
مواضيع اخرى

توقعات الأبراج الفلكية للأسبوع الأخير من عام 2020

هل تؤثر الأبراج على علاقتك بأفراد عائلتك؟

حظك اليوم مع الأبراج الثلاثاء 1 كانون الأول/ ديسمبر 2020

توقعات الأبراج اليومية | الأحد 29 تشرين الثاني 2020
